زواج الكتابيات
أما الكتابيات من اليهود والنصارى، فقد أجاز القرآن الزواج منهن، تبعا لنظرته لأهل الكتاب، ومعاملته الخاصة لهم، واعتبارهم أهل دين سماوي وإن حرفوا فيه وبدلوا. فكما أباح مؤاكلتهم أباح مصاهرتهم بزواج المسلم من نسائهم. قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجوهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان) سورة المائدة:5.
وهذا لون من التسامح الإسلامي الذي قل أن يوجد له نظير في الأديان والملل الأخرى، فرغم رميه لأهل الكتاب بالكفر والضلال أباح للمسلم أن تكون الكتابية -وهي على دينها- زوجته وربة بيته، وسكن نفسه، وموضع سره، وأم أولاده. ومع أنه يقول في شأن الزوجية وأسرارها: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) سورة الروم:21.
وهنا تنبيه لا بد أن نتوجه إليه: إن المسلمة المتدينة الحريصة على دينها أفضل للمسلم من مجرد مسلمة ورثت الإسلام عن أبويها، والرسول صلوات الله عليه يعلمنا ذلك فيقول: "اظفر بذات الدين تربت يداك" فإذا علمنا ذلك تبين لنا أن المسلمة -أيا كانت- أفضل للمسلم من أي امرأة كتابية.
ثم إذا كان المسلم يخشى من مثل هذه الزوجة على عقيدة أولاده أو توجيههم فالواجب أن يستبرىء لدينه ويجتنب هذا الخطر.
وإذا كان عدد المسلمين قليلا في بلد -كجالية من الجاليات مثلا- فالراجح هنا أن يحرم على رجالهم زواجهم بغير المسلمات، لأن زواجهم بغيرهن في هذا الحال، مع حرمة زواج المسلمات من الآخرين، قضاء على بنات المسلمين أو على فئة غير قليلة منهن بالكساد والبوار، وفي هذا ضرر محقق على المجتمع المسلم. وهو ضرر يمكن أن يزال بتقييد هذا المباح وتعليقه إلى حين.